top of page

حيل المحتال...!

منى الوهيب.jpg

إن التشوق والتطلع إلى المزيد من العلم والمعرفة، من الصفات المهمة التي علينا أن نتحلى بها، وهذه سمة من سمات الإنسان الناضج الواعي المدرك بالواقع، فهو غالباً يشعر أن ما لديه من العلم ليس كافياً، وأن حركته وحركة العالم من حوله تستهلك كثيراً من المعلومات والخبرات المتوافرة عنده. وتعقد مشكلات الحياة يتطلب حلولاً، وبقاء ما حولنا مجهولاً يشكل خطراً كبيراً علينا. لكل هذا ولغيره لا بد من الوعي والإدراك بالواقع حتى لا تطحننا الحياة بمتطلباتها.
إن الله - سبحانه وتعالى - أخبرنا عن ضآلة ما حصلناه من العلم حين قال: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (سورة الإسراء): الآية 85 - ليغرينا ويحفزنا نحو طلب المزيد منه. وحين كانت الحضارة الإسلامية في حالة ازدهار سطّر المسلمون من العجائب في حب العلم واكتشاف المجهول ما لم تسطره أمة أخرى على ما هو معلوم، وحين تراجع المد الحضاري تفشت عندنا الأمية، وانعدم الاكتشاف، وخبت فينا الروح المتشوقة إلى التطلع والتعلم، وصار التعامل مع المعرفة تعاملاً تجارياً، نقرأ ونستزيد من المعرفة لنحصل على الوظيفة، ونقيم الدورات التدريبية التجارية، ونؤسس مكاتب للاستشارات بأنواعها ليس لشيء إلا لتجميع المال، فإذا حصلنا على ما نريد نعود إلى ما كنا عليه من قبل ونصبح من عوام الناس المتنورين ليس أكثر.
إن الركود الثقافي الذي نعيشه شديد، ولا بد من تحريك الهمم نحو العلم والبحث، وذلك بالتركيز على أن طلب العلم من أعظم ما يتقرب به إلى الله - تعالى - وحتى لا تظل حالة المعرفة تتراوح في مجتمعنا بين أمية العامة وأمية المثقفين. لا نقول قد فات الأوان فلنبدأ من الآن بطلب العلم الذي يحصننا من كوارث ومصائب الحياة ومن مؤامرات الآخر، وحتى لا ينطلي علينا كل ما يورد إلينا من كذب وتدليس للحقائق، بالعلم نثمر عظم الذاتية، ونشحذ الفعالية والشفافية الروحية التي تحمينا من الظنون والأوهام، وحيل المحتال.

bottom of page